الدوري المصري

مصطفى الجارحي يكتب: التركة ثقيلة والتساؤلات محرمة.. والكبار لا يسقطون

ما يحدث مع الزمالك حدث مع أعرق الأندية الأوروبية والعربية والمصرية.. حدث مع الزمالك نفسه من قبل.. حدث مع الأهلي.. مع الإسماعيلي.. مع الاتحاد.. مع المصري.. حدث مع ريال مدريد.. مع برشلونة.. مع مانشستر يونايتد.. مع ليفربول.. تُجدد الفرق دماءها.. وتضع استراتيجية طويلة وقصيرة المدى وتنهض من كبواتها.. من غياب البطولات.. الريدز يحصد الدوري بعد ثلاثة عقود من الغياب عن منصة التتويج.

العراقة لا تسقط

الفرق الشعبية صاحبة الظهير الجماهيري لا تستسلم أبدًا للسقوط على مر التاريخ، إلا فيما ندر، وإلا ما جدوى شعبيتها.. وإلا ما أصبحنا نسمع مقولة (يمرض ولا يموت).. البعض يراهن على الاستقرار الإداري.. آخرون يتحدثون عن الاستقرار الفني.. ويعتمد البعض على الاستقرار المالي.. وقبل وبعد كل هذا الدعم الجماهيري.

منظومة النجاح رباعية

بعض الأندية تجلب أفضل اللاعبين لكن خللاً إداريًا واحدًا ينعكس بطبيعة الحال بالسلب.. ويبدو الأمر كمن يحرث في الماء.. أندية أخرى تضبط منظومتها الإدارية.. تجلب لاعبين من المستوى المتوسط مع حفنة من الجماهير العاشقة.. فتنعم دائمًا في المنطقة الدافئة.. تصعد مركزين في الترتيب وتهبط مركزًا.. تراهن على قنص نقطة التعادل من ملعب المنافسين.. والفوز إن أمكن على أرضها.. أو التعادل.. أو حتى الخسارة شرط أن يبذل اللاعبون العرق ولا يقصرون.. أندية تضع النقطة فوق النقطة.. فلا تهبط أبدًا.. هكذا يسير الأمر.

كلهم يتحدثون عن الاستقرار الإداري.. وكيف ينقل الأندية من منطقة إلى أخرى.. والخلل الإداري لا يأتي من التدخل في عمل الجهاز الفني فقط.. ويكفي أن نعرف أن إدارات الأندية (خاصة الشعبية) تعكس الصورة العريقة لأنديتها.. تقلل من تصريحاتها.. تبتعد قدر الإمكان عن الإضاءة.. عن الهالة الإعلامية.. تعترض إذا وقع ظلم على فريقها لكن بأن تسلك القنوات الشرعية دونما شتم وسباب واستعراض البلطجة والاستقواء بالجماهير.. تعكف فقط على بناء فرقها الجماعية دون أن تتعمد هدم الفرق المنافسة بالتلميح أو بالتصريح أو بالتجريح والتطاول.. إدارات صاحبة أداءات هادئة وغير منفرة ولا تكتسب العداءات مع غالبية عناصر المنظومة من فرق منافسة.. أو اتحادات.. أو لجنة أوليمبية.. أو لجنة حكام.. إدارات تحتكم للوائح.. لدستور اللعبة.. إدارات تبادر بتهنئة المنافس إذا فاز.. إدارات لا تهيّج جمهورها إذا خسرت.. الخاسر لا يظل خاسرًا.. يبحث عن الخلل.. يحاول أن يجد العلاج.. وسيجده إن أخلص.

الأوقات الصعبة على الجميع ولا تنتهي

يتحدثون عن أوقات صعبة يمر بها الزمالك.. كأنه لم يحقق بطولات من قبل.. كأنه لم يخسر من قبل.. يختصرون اسم الزمالك (القلعة العريقة صاحبة البطولات والإنجازات) في إدارة رحلت.. أو تم توقيفها لبعض حين.. يختصرونه في شخص واحد.. الزمالك كسب بطولتين في أسبوع وخسر بطولتين في أسبوع.. وخسر قبل ذلك عشرات البطولات لكنه لم يندثر أو ينقرض أو يظل متخبطًا في الظلام.

خلل الإعلام الرياضي وقلب الحقائق

الأهلي خسر بعد أن لعب واستحوذ وضيّع الفرص وكان الأفضل ويستحق الفوز.. هكذا قال إعلام الأحمر لدى خسارة السوبر المحلي.. ورد إعلام الأبيض: العبرة ليست بالاستحواذ ولا بإهدار الفرص وإنما بالفوز وقنص اللقب.

الأهلي حصد لقب الأميرة السمراء.. زين شعاره بالنجمة التاسعة.. هنا يظهر إعلام ميت عقبة: الزمالك لعب واستحوذ وضيّع الفرص وكان الأفضل ويستحق الفوز (!)

حارس مرمى استقبل 4 أهداف في 4 مباريات.. بمعدل هدف في كل مباراة.. وحارس آخر يستقبل هدفًا واحدًا كل 4 مباريات.. الفرق واضح والإحصائية لا تكذب.. فيأتي الإعلام الرياضي الموتور ويقول إن الذي استقبل هدفًا في كل مباراة هو الحارس الأفضل (!) الخلل كبير ويراه كل ذي عينين.

لاعب يعتزل ويتحول لتحليل المباريات وينتقد المدربين.. وحين يدخل مجال التدريب يفشل.. فيتحجج: مفيش إمكانيات في النادي.. مفيش خبرات عند اللاعبين.. وحين ينتقل لتدريب النادي العريق صاحب الإمكانيات والشعبية واللاعبين الأفضل وأصحاب الخبرات.. يفشل (!) فيعود لتقديم البرامج.. ولتحليل المباريات وللعبة الانتقادات.. الخلل كبير ويراه كل ذي عينين.. الخلل إذن في الإعلام الرياضي.. في لاعبي الفريقين القدامى الذين أصبحوا نقادًا ومحللي مباريات وتحدثوا بلسان انتماءاتهم.. وقالوا إن فوز الزمالك بدوري الأبطال يذهب بهم إلى كأس العالم للأندية.. وحين خسروا قالوا إن كأس العالم للأندية (عنصرية).. وظلوا يشحنون الجماهير وتسببوا في الفتنة.

الجماهير عاطفية وبريئة

جمهور الأهلي يفرح إذا أدى فريقه بحرفنة وبجمل تكتيكية وبذل الجهد والعرق على البساط الأخضر.. ويصفق للاعبين إذا خسروا.. جمهور الزمالك يعشق اللعبة الحلوة.. يغضب حين يرى فريقه محبطًا منهارًا ويقول دائمًا نريد لاعبين (رجالة).

وجمهور الزمالك عاطفي جدًا.. يتحدث عن الانتماء بعصبية وينسى أن عشرات اللاعبين من الأهلي ارتدوا قميص الزمالك.. جمهور الأهلي يصنع نجومية لاعبيه ويصعد بهم للسماء.. لكن مع أول خطأ يتعلق بالمال أو بالأخلاق يغضب ويقول (الأهلي مش بيقف على حد).

الحكاية بسيطة جدًا.. الزمالك في رعاية إدارة جديدة مؤقتة.. إدارة قضائية من مستشارين أجلاء.. يشجعون القلعة البيضاء.. أحدهم كان عضو مجلس إدارة في النادي.. ورغم ذلك تركوا فريق الكرة في حضن من يفهمون في الكرة.. نجوم لا يمكن التشكيك في ولائهم.. أو في إمكانياتهم (أيمن يونس ــ أشرف قاسم ــ عبد الحليم علي).. إدارة حرصت منذ البدء على فض الاشتباك.. وتفرغت هي لفهم التركة الثقيلة.. تفرغت لمعرفة كل صغيرة وكبيرة تخص الشئون المالية والإدارية وتداعياتها.. إدارة قبلت بنبل وفروسية تحمّل المسئولية الصعبة.. إدارة مثل هذه تستحق الإشادة والدعم المتواصل على الأقل حتى تتضح الأمور.

تناقضات وتساؤلات

الزمالك نادِ غني.. وحقق فائضًا ماليًا.. هكذا قالت الإدارة السابقة.. فكيف يجدون في الخزينة مليونًا و250 ألف جنيه فقط (؟!) الزمالك حقق فائضًا لم يحدث من قبل.. هكذا قالت الإدارة السابقة.. فكيف أصبح مديونًا بالملايين لاتحاد الكرة (؟!) ولأنه يحتاج الدعم في هذه المرحلة فقد وافق الاتحاد على جدولة الدين من أجل قيد اللاعبين.. أين إذن الفائض الذي تحدثت عنه الإدارة السابقة (؟!) وكيف تبرم الإدارة الحالية الصفقات الجديدة (؟!) ومتى يتم تصفية وجرد حسابات النادي في البنوك (؟) هل تبخرت الملايين في لحظة (؟!) هل تم إخفاؤها لإحراج إدارة القضاة (؟!).. تساؤلات كثيرة تشغل المهمومين بشئون الفارس الأبيض.

زر الذهاب إلى الأعلى