مواهب منتخب السعودية.. طوفان يجتاح بطولات كأس الخليج
على مدار نحو نصف قرن من الزمان، قدم منتخب السعودية تاريخا حافلا في مشاركاته المختلفة ببطولات كأس الخليج العربي، وتوج الفريق بلقب البطولة ثلاث مرات، لكنه كان الأكثر وجودا على منصة التتويج بالمراكز الثلاثة الأولى في البطولة.
وتوج منتخب السعودية (الأخضر) باللقب الخليجي ثلاث مرات في 1994 و2002 و2003، فيما حل ثانيا في ست نسخ أخرى، وثالثا في سبع نسخ، وفاز بالمركز الرابع في نسخة واحدة، بخلاف نسخة 2007 التي وصل فيها للمربع الذهبي.
ولا يختلف اثنان على مدى تأثير الأخضر في كرة القدم الآسيوية والعربية والخليجية على مدار عقود طويلة، بل إنه الفريق الخليجي الوحيد الذي تعددت غزواته في بطولات كأس العالم.
وخلال مسيرته الرائعة على الساحة الدولية، قدم الأخضر أعدادا هائلة من النجوم الموهوبين في مختلف المراكز بالملعب، وهو ما ينطبق أيضا على مشاركاته في بطولات كأس الخليج، حيث قدم الأخضر فيها طوفانا من المواهب التي أثرت البطولة، وتركت بصمة حقيقية في العديد من نسخها.
ويأتي الأسطورة ماجد عبد الله على رأس هؤلاء النجوم الذين قدمتهم الكرة السعودية لكأس الخليج.
كما تضم القائمة عشرات من النجوم أصحاب المستوى الرائع مثل: سعيد مذكور (الغراب) وفؤاد أنور، وفهد المهلل، وسعيد العويران، وسامي الجابر، ويوسف الثنيان، ومحمد الشلهوب، وإبراهيم السويد، وياسر القحطاني، وماجد المرشدي، ونواف العابد، وأسامة هوساوي، وسلمان الفرج، وتيسير الجاسم، وحارسي المرمى أحمد عيد ومحمد الدعيع.
وشهدت بداية مشاركات الأخضر في البطولة تتويج حارس المرمى العملاق السابق أحمد عيد بلقب أفضل حارس مرمى في كل من النسختين الأولى والثانية، رغم عدم فوز الفريق باللقب في أي من هاتين النسختين اللتين ذهب لقبهما إلى المنتخب الكويتي (الأزرق).
كما لعبت الأهداف الثلاثة التي سجلها سعيد مذكور (الغراب) في النسخة الثالثة دورا بارزا في وصول الأخضر للنهائي، لكنه خسر أمام نظيره الكويتي الذي توج باللقب الثالث على التوالي.
وكانت النسخ التالية شاهدة على بزوغ نجم الأسطورة ماجد عبد الله الهداف التاريخي للأخضر بشكل عام، حيث سجل للمنتخب السعودي 71 هدفا، كما أنه الهداف التاريخي للفريق في بطولات كأس الخليج برصيد 17 هدفا.
ولا يقترب أي لاعب سعودي من رصيد ماجد عبد الله من الأهداف في بطولات كأس الخليج سوى المهاجم الخطير السابق ياسر القحطاني الذي سجل للأخضر عشرة أهداف في بطولات كأس الخليج، وساهم في فوز الفريق بلقب البطولة في 2003.
ولكن حقبة التسعينيات كانت من أكثر الفترات إفرازا لنجوم الأخضر الذين صالوا وجالوا على الساحة الآسيوية من ناحية، وبلغوا نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ، وذلك في 1994، ثم استمر وصولهم للمونديال في النسخ الثلاثة التالية.
وإلى جانب تألق نجوم هذا الجيل المتميز من اللاعبين مثل فؤاد أنور وسعيد العويران وحمزة إدريس وفهد المهلل وخالد مسعد وسامي الجابر وحارس المرمى العملاق محمد الدعيع، فاز الأخضر من خلال هؤلاء النجوم بلقب خليجي 12 في الإمارات عام 1994، في نفس العام الذي شهد باكورة مشاركاته المونديالية.
وواصل بعض نجوم هذا الجيل والجيل التالي مثل محمد الشلهوب ومحمد نور ورضا تكر وإبراهيم السويد والقحطاني تألقهم في صفوف الأخضر، وقادوا الفريق للقبيه التاليين في (خليجي 15) و(خليجي 16) وذلك في عامي 2002 بالسعودية و2003/ 2004 في الكويت.
ورغم عدم فوز الأخضر باللقب في النسخ التالية، شهدت بطولات كأس الخليج القليلة الماضية العديد من نجوم الأخضر مثل سعود كريري وأسامة هوساوي وماجد المرشدي وسلمان الفرج وتيسير الجاسم وغيرهم ممن كتبوا تاريخا عريقا للأخضر في بطولات كأس الخليج.
رينار يبحث عن بصمة قوية
رغم أن المنتخب السعودي يضم كوكبة من النجوم في مختلف المراكز، ينتظر أن تتسلط الأضواء بشكل أكبر على المدرب الفرنسي هيرفي رينار، المدير الفني للفريق، خلال المشاركة المرتقبة في (خليجي 24).
ويخوض المنتخب السعودي فعاليات هذه النسخة بدافع البحث عن اللقب الرابع له في البطولة، والأول له منذ 2003.
وتحفل صفوف المنتخب السعودي (الأخضر) بالعديد من النجوم في مختلف المراكز، ولكن كثيرين من المتابعين للفريق يرون أن ما يمكن أن يقدمه الفريق في خليجي 24 سيعتمد بشكل كبير على تعامل رينار نفسه مع البطولة.
وبعد الخروج المبكر من الدور الثاني (دور الستة عشر) في بطولة كأس آسيا 2019، سعى المسئولون عن الأخضر للتعاقد مع مدرب يستطيع نقل الفريق من طور المشاركة في البطولات إلى المنافسة بقوة، لاسيما وأن الفريق ودع أيضا بطولة كأس العالم 2018 بروسيا من الدور الأول (دور المجموعات).
ومع رحيل رينار عن تدريب المنتخب المغربي، عقب المشاركة في بطولة كأس أمم أفريقيا 2019 بمصر منتصف هذا العام، وجد المسئولون عن الأخضر ضالتهم في هذا المدرب صاحب البصمات القوية في عالم الساحرة المستديرة.
ولهذا، لم يتردد المسئولون عن الأخضر في التعاقد مع رينار لقيادة الفريق إلى مرحلة المنافسة بقوة في البطولات، واستعادة بريق الأخضر قاريا ودوليا.
ويمتلك رينار تاريخا حافلا في عالم التدريب رغم سنه المتوسطة، حيث حقق نجاحات مع أكثر من فريق تولى قيادتهم في مسيرته التدريبية.
لكن المحطات الأكثر بريقا في هذه المسيرة كانت مع الكرة الأفريقية، وبالتحديد مع ثلاثة منتخبات عريقة.
ولفت رينار الأنظار إليه بشدة عندما قاد المنتخب الزامبي في 2012 للفوز بلقبه الأفريقي الأول، ليسجل رينار اسمه في السجل الذهبي للبطولة الأفريقية.
لكن رينار لم يكتف بهذا، وإنما سطر اسمه بحروف من ذهب بعدما أصبح أول مدرب يفوز باللقب الأفريقي مع منتخبين مختلفين، حيث قاد المنتخب الإيفواري لاستعادة العرش القاري بعد غياب طويل، وتوج معه باللقب في 2015، ليكون الثاني فقط للأفيال بعد 23 عاما من الفوز بلقبه الأفريقي الوحيد السابق.
وواصل رينار بصماته مع الكرة الأفريقية من خلال منتخب آخر عريق هو المنتخب المغربي، حيث أعاد أسود أطلس إلى المشاركة في بطولات كأس العالم من خلال مونديال 2018 بروسيا، بعدما غاب الفريق عن البطولة العالمية منذ مشاركته في مونديال 1998 بفرنسا.
وكان المنتخب المغربي بقيادة رينار مرشحا فوق العادة للفوز باللقب الأفريقي منتصف العام الحالي، خاصة بعد العروض القوية التي قدمها في مونديال روسيا. لكن الحظ عاند الفريق في البطولة الأفريقية وخرج من دور الستة عشر بغرابة شديدة.
ورغم هذه البصمات الرائعة على الساحة الأفريقية، يحتاج رينار إلى ترك علامة واضحة مع المنتخب السعودي في خليجي 24 ليؤكد قدرته على النجاح خارج القارة الأفريقية.
ولهذا، حرص رينار على المشاركة في خليجي 24 بالقوة الضاربة، وبالنجوم المتميزين في فريقه، من أجل المنافسة بقوة على اللقب.