بات عشاق برشلونة في شتى بقاع العالم ليلة حزينة مساء الجمعة، عقب الخسارة “المُذلة” أمام بايرن ميونخ الألماني بثماني أهداف مقابل هدفين، في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.
أقصى المتشائمين بهذا اللقاء لم يكن يتوقع هذه النتيجة الكارثية، لم تكن الهزيمة أو النتيجة الكبيرة فقط هي التي أصابت جماهير البرسا بالصدمة، بل الأداء الباهت والإنهيار التام والاستسلام من جميع لاعبي البلوجرانا عقب إحراز البافاري هدفه الثاني، فأين ذهبت شخصية كبير كتالونيا؟.
-هل افتقدت برشلونة شخصية البطولة.
موسم كارثي بكل المقاييس يُعيد في الأذهان موسم 2007/2008 عندما خرج برشلونة خالي اليدين من البطولات، فالبلوجرانا افتقد الروح منذ الخروج من كأس السوبر الإسباني الموسم الحالي أمام أتلتيكو مدريد، مرورًا بالهزيمة أمام فالنسيا في الدوري الإسباني بالرغم من تغير المدرب إرنستو فالفيردي بكيكي سيتين.
ثم التعادل المُخزي أمام سيلتا فيجو قبل نهاية اللقاء بدقيقتين، وربما كان هذا التعادل هو السبب في فقدان الليجا، ثم التعادل مع الأتليتي والهزيمة أمام أوساسونا في الوقت القاتل، كل هذه المقدمات كانت تنبؤ بكارثة ملعب “النور”.
حاول البرغوث “ليونيل ميسي” وجدار برلين “تير شتيجن” تقليل حدة الموسم السيء، فلولا وجودهم لكان برشلونة على موعد مع موسم أكثر “فضيحة”.
-لعنة ربع النهائي.
منذ أخر بطولة دوري أبطال أوروبا توج بها النادي الكتالوني في 2014/2015، أُصيب بلعنة ” الريمونتادا” والخروج من ربع النهائي من أصل خمسة بطولات.
في 2016 ودع برشلونة البطولة من ربع النهائي على يد غريمه أتلتيكو مدريد، بالرغم من فوزه في “الكامب نو” بهدفين مقابل هدف، إلا أنه في الإياب هُزم بهدفين نظيفين بأقدام لاعبه الحالي “أنطوان جريزمان”، ولكن على الأقل الخروج كان من الباب الكبير.
في الموسم التالي و“الريمونتادا التاريخة للبلوجرانا أمام باريس سان جيرمان الفرنسي”، تأهل البرسا لملاقاة يوفنتوس في ربع النهائي ولكن لم يستطع برشلونة أن يُزين ريمونتاداته ويتوج بالبطولة، فخرج من ربع النهائي بعد الخسارة على أرض السيدة العجوز بثلاثية نظيفة، ثم التعادل في الكامب نو تعادل سلبي.
2018 لعنة “مانولاس” بطل المعجزة لروما الإيطالي، التقى برشلونة بذئاب العاصمة الإيطالية في ربع النهائي، وحقق الخطوة الأولى بنجاح بعد فوزه بالكامب نو في الذهاب بأربع أهداف مقابل هدف، ولكن في “الأولمبيكو” حدث ما لا يتوقعه عشاق البلوجرانا حيث رجع روما بريمونتادا الفوز بثلاث أهداف نظيفة، كان بطلها مانولاس بإحرازه الهدف الثالث قبل نهاية المواجهة بثماني دقائق، ليودع البلوجرانا البطولة بإعتبار الهدف خارج الأرض بهدفين بعد التعادل 4/4 في المباراتين.
“الرابع سجله أوريجي” هكذا كان حال بطولة 2019 بالنسبة لجمهور البرسا ولكن هذه المرة في نصف النهائي، أصطدم برشلونة بـليفربول الإنجليزي ولكنه تمكن من هزيمة الليفر في معقله بكتالونيا بثلاثية نظيفة.
كان من الطبيعي أن تكون النتيجة مطمئنة إلى حد كبير بالنسبة للبرشلونين، ولكن لاحت في الأفق مواجع البطولة السابقة، ودخل البرسا اللقاء يحمل بين طياته الذكريات السيئة، وبالرغم من الأداء الأفضل نسبيًا عن ريمونتادا روما، كان على موعد مع ريمونتادا أخرى فاستطاع الإنجليز في “أنفيلد”، من إقصاء البرسا برباعية نظيفة كان بطلها أوريجي كما فعلها من قبل مانولاس.
في 2020 وبسبب فيروس كورونا المستجد قرر الاتحاد الأوروبى إقامة دور ربع النهائي من مباراة واحدة، وداعب جمهور برشلونة بعضهم البعض قائلًا “مفيش ريمونتادا السنادي” ولكن لم يعلم عشاق كتالونيا أنهم على موعد مع كارثة حقيقة تحمل عارًا تاريخيًا يتوارثه كل ابناء برشلونة، ويتغنى بها كل أخصامهم.
على يد الألمان هذه المرة، لُقن برشلونة درسًا قاسيًا بالهزيمة بثماني أهداف مقابل هدفين، والأصعب أن يكون مشاركًا في هذا الدرس القاسي أحد ابناءك المعارين، “كوتينيو ذبح برشلونة” في ربع ساعة.
خمسة عشر دقيقة كانت كافية لكوتينيو لاعب برشلونة المعار إلى البافاري لإذلال فريقه، فتمكن من صناعة الهدف السادس لليفاندوفسكي، وأحرز الهدفين السابع والثامن.
-توابع الخروج المُذل.
بالطبع النتيجة كانت كزلزال بقوة 8 ريختر هز كتالونيا بأكلمها، فخرجت الصحف تصف النتيجة بالعار، والإذلال التاريخي، ودفن الحقبة الذهبية وغيرها، عناوين لم تكن كافية لتمثيل حجم الكارثة.
انتشرت الأنباء عن إقالة فورية للمدرب كيكي سيتين، كما دعت كل محبي برشلونة الرئيس بارتوميو لتقديم استقالته وإجراء انتخابات مبكرة قبل وصول النادي إلى ما لا يُحمد عقباه.
وأشارت بعض الأقاويل إلى رغبة ليونيل ميسي إلى عدم استكمال مشواره داخل جدران برشلونة بعد هذه النتيجة، وبالطبع هذه هي الصعقة الحقيقة التي تنزل على كل مشجعي النادي الكتالوني.
-ما الحل؟
بالرغم من الكارثة إلا أنها من الممكن أن تكون “رب ضارة نافعة”، وتكون بداية لحقبة جديدة مع جيل جديد كما حدث بعد موسم 2007/2008، بالتعاقد مع بيب جوارديولا وبدأت حقبة تاريخية رفقة البيب سيطر بها برشلونة على جميع البطولات بالصعيدين المحلي والأوروبي.
وهذه الحقبة لن تأتي مرة أخرى إلا بهيكلة جذرية للنادي تتصدر المشهد في ثلاث نقاط.
الأولى رحيل كيكي سيتين، والتعاقد مع مدرب بحجم نادي برشلونة، ذو شخصية يمكن من خلالها السيطرة على غرفة الملابس واللاعبين الكبار.
الثانية استقالة بارتوميو وإجراء انتخابات مبكرة، فالنادي لم يجني منه غير الاستثمار فقط، والقدوم بلاعبين بمبالغ عالية ولم تكن على المستوى المطلوب.
الثالثة إعادة هيكلة شاملة للاعبين والسيطرة عليهم، والاستغناء عن بعض اللاعبين الكبار دون النظر لاسماءهم، والاعتماد على لاعبين صغار للنزول بمستوى الأعمار وارتفاع مستوى اللياقة.
في النهاية إلى متى سيظل برشلونة جريحًا مبتعدًا عن ذات الأذنين؟، إلى متى يتحمل جمهور البلوجرانا، ويخرج من سيناريو لسيناريو أسوا في توديع البطولة؟.