النصيري.. حكاية مغربي عمره 23 عامًا يرعب أسبانيا بأهداف نارية
منذ وطأت قدماه أسبانيا والمهاجم المغربي يوسف النصيري يتسلق المراتب بتأنٍ متسلحا بالتركيز والعمل الجاد، حتى بات بفضل أهدافه وجهده عنصرًا أساسيًا في تشكيلة إشبيلية، ومحط اهتمام العديد من أندية أوروبا.
النصيري (23 عامًا) خرِّيج أكاديمية محمد السادس في مدينة سلا المغربية، التي تهتم بالمواهب الصغيرة، ضرب بقوة في مباراتيه الأخيرتين على ملعب “رامون سانشيس بيسخوان” في إشبيلية، وسجل ثلاثيتين، الأولى ضد ريال سوسيداد في الجولة 18 يوم 9 يناير الحالي، والثانية في مرمى قادش يوم السبت الماضي في الجولة 20.
ثلاثية النصيري هي الثالثة في مسيرته الاحترافية، وكانت الأولى في مرمى ريال بيتيس في فبراير 2019 عندما كان يدافع عن ألوان ليجانيس.
وأصبح ابن مدينة فاس أول لاعب في تاريخ النادي الأندلسي يسجل “هاتريك” في مباراتين متتاليتين على ملعب الفريق بالليجا منذ جييرمو كامبانال عام 1940.
وعلّق النصيري، الذي اقتنص صدارة هدافي الليجا برصيد 12 هدفا مشاركة مع مهاجم أتلتيكو مدريد لويس سواريس، على ثلاثيته قائلا “أنا سعيد جدا بهذه الثلاثية، وسعيد أيضا بالعمل الذي قدمه اللاعبون، وسأواصل في هذا الطريق لإحراز الأهداف، وسنحاول كسب أكثر عدد من النقاط حتى النهاية ولن نستسلم”.
وأضاف: “أعتقد أن الأمور لم تتغير بالنسبة لي منذ بدأت مسيرتي الاحترافية، فكلّ ما أحققه الآن هو نتيجة للعمل الجاد والتركيز، هما المفتاح عندما يتعلق الأمر بتسجيل الأهداف”.
وتألق النصيري في الليجا جاء في صمت، فبعد بداية مشواره موسم 2016-2017 مع الفريق الرديف لملقة، حجز لنفسه مركزا أساسيا في تشكيلة الفريق الأول، وخاض معه 39 مباراة سجل خلالها 5 أهداف حتى صيف 2018، عندما شارك مع منتخب بلاده في سن الـ21 في مونديال روسيا، وتألق بشكل لافت في المباراة الأخيرة بالدور الأول ضد أسبانيا عندما منح المغرب التقدم 2-1 بضربة رأسية رائعة (81) قبل أن تدرك الأخيرة التعادل في الوقت بدل الضائع عبر ياجو اسباس.
وانتقل النصيري إلى ليجانيس عقب العرس العالمي، وسجل له 15 هدفا في 53 مباراة.
وتعاقد معه إشبيلية في يناير الماضي، ولعب أغلب المباريات احتياطيا للدولي الهولندي لوك دي يونج، لكنه فرض نفسه بقوة هذا الموسم، ما دفع مدربه جولن لوبيتيجي إلى الدفع به أساسيا، وكان عند حسن ظنه بتسجيله 12 هدفا حتى الآن في الليجا، و16 هدفا في مختلف المسابقات بعد ثنائيتيه في مرمى كراسنودار الروسي ورين الفرنسي، في دور المجموعات لمسابقة دوري أبطال أوروبا.
ورفع النصيري غلته التهديفية في الليجا إلى 34 هدفا، كرابع أفضل هداف مغربي في تاريخ الدوري الأسباني، وهو يمني النفس بالسير على خطى مواطنيه السابقين الذين تركوا بصمة في الليجا، وفي مقدمتهم الراحل العربي بن مبارك (58 هدفا) الذي قاد أتلتيكو مدريد للتتويج بلقبين متتاليين في الدوري (1949-1950 و1950-1951)، والهداف التاريخي لغرناطة يوسف العربي (43 هدفا)، والنجم السابق لديبورتيفو كورونيا مساعد مدرب المنتخب المغربي حاليا مصطفى حجي (40 هدفا).
تألق النصيري لم يخطف الأنظار داخل الليجا فحسب، لكن العروض بدأت تنهال عليه، وأبرزها من وست هام يونايتد الإنجليزي الذي ذكرت تقارير صحفية أنه عرض 30 مليون يورو لضم المهاجم المغربي الشاب، لكن الفريق الأندلسي رفض بعدما وجد مدربه لوبيتيجي ضالته التهديفية في النصيري، خصوصا أنه يتوقع منه المزيد من التألق في الفترة المقبلة.
وعلق النصيري على الاهتمام بالتعاقد معه قائلا: “الآن سأبقى وأود أن أنهي هذا الموسم مع إشبيلية. إشبيلية نادٍ كبير وأنا أحب أن أكون هنا”.
كما أن إنجاز النصيري لم يمر مرور الكرام على مدرب منتخب بلاده البوسني وحيد خليلودزيتش ومساعده حجي.
وهنأ خليلودزيتش قلب هجوم فريقه، المقبل، بعد أكثر من شهر على مواجهة جمهورية إفريقيا الوسطى وموريتانيا في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الأفريقية المقررة في الكاميرون مطلع العام المقبل، في رسالة “مرحبا يوسف، أهنئك على الثلاثية، لقد قدمت مباراة جيدة جدا، تستحق المزيد. حظا سعيدا في المباريات المقبلة”.
من جهته، أشاد حجي بالأداء الذي قدمه مهاجم إشبيلية، وقال “هاتريك رائع، سعيد من أجلك يوسف، أنت على الطريق الصحيح، استمر، نحن سعداء لك في الجهاز الفني للمنتخب المغربي”.
وحظي النصيري بإشادات واسعة في وسائل الإعلام بالقارة العجوز. ففي أسبانيا عنونت “موندو ديبورتيفو” مقالها بـ”النصيري الناري”، فيما كتبت صحيفة “آس” أن “(ملعب) سانشيس بيسخوان أصبح حديقة النصيري” في إشارة إلى ملعب إشبيلية.
وأكدت صحيفة “ليكيب” الرياضية الفرنسية أن “أسد الأطلس لا يتوقف أبدا عن الإبداع في إشبيلية”، فيما اعتبر موقع “سو فوت” الفرنسي أن “يوسف النصيري قرر عدم إضاعة الوقت في عام 2021″، حتى أنها لقبته بـ “الزناد المغربي لنادي إشبيلية”.
وفي بلجيكا أيضا، أوضحت صحيفة “والفوت” أن “الأندلسيين سلموا مفاتيح الشاحنة ليوسف النصيري”، فيما منحته صحيفة “أبولا” البرتغالية جائزة “بيتشيتشي” التي تمنح لأفضل هداف في الليجا.
وفي هولندا، تعاملت وسائل الإعلام مع الموضوع من زاوية أخرى. وكتبت صحيفة “ألخمين داخبلاد” أن “منافس دي يونج يسجل ثلاثيته الثانية هذا الشهر في إشبيلية” في إشارة إلى مواطنها لوك الذي كان النصيري بديلا له عندما انضم إلى صفوف إشبيلية.