أخباركأس العالم لكرة القدممجتمع النجوممنتخبات

تصفيات مونديال 2022: دجيكو من أنقاض سراييفو لروما الإيطالي

سأل ولدٌ صغير والدته ما إذا كان يستطيع الخروج من منزله للعب كرة القدم، لكنها منعته من ذلك. بعد ذلك بقليل، انفجرت قنبلة على أرضية الملعب وقتلت العديد من الأطفال.

حدث ذلك في مطلع التسعينيات خلال حصار سراييفو، وذلك الولد الصغير لم يكن سوى إدين دجيكو الذي نجا بأعجوبة وبات بعد سنوات أحد أفضل المهاجمين في جيله.

قصة كفاح إدين دجيكو

كان دجيكو الذي تحل بلاده على فنلندا الأربعاء في تصفيات أوروبا المؤهلة إلى مونديال 2022، في السادسة من عمره عندما اندلعت الحرب اليوغوسلافية، قبل أن يصبح نجما في صفوف أندية فولفسبورج الألماني، مانشستر سيتي الإنجليزي وروما الإيطالي حاليا.

أمضى دجيكو معظم طفولته في أوتوكا الفقيرة، احدى ضواحي سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك، حيث كانت ناطحات السحاب فيها ملجأ للقناصين الصرب.

أمضى والده الذي كان محجوزا في الجيش البوسني على الخطوط الامامية من الجبهة، ويتذكر أن الأطفال الصغار كانوا ينتظرون هدوء النيران لكي يخرجوا لممارسة كرة القدم.

يقول ميدهاد دجيكو البالغ من العمر 66 عاما ووالد دجيكو مهاجم روما وقائد منتخب البوسنة لوكالة “فرانس برس” “كان الأمر خطيرا، لكن كان يتعين على الأطفال أن يلعبوا في مكان ما”.

بداية دجيكو مع كرة القدم

انضم إدين إلى أكاديمية جيليزنيتشار التابعة لأحد أفضل ناديين في البوسنة.

كان مقرّ الملعب على الجبهة تماما وأرضيته مليئة بالخنادق التي حفرها الجيش وبالتالي كان الشبان يتدربون في صالة رياضية تابعة لمدرسة مجاورة.

هناك اكتشف مدربه يوسف شيهو فيتش الذي توفي العام الماضي بعد إصابته بفيروس كورونا موهبة دجيكو وكان قد صرح لوكالة “فرانس برس” عام 2018 بقوله “كان مهتما فقط بالتقدم نحو المرمى”.

وبعد انتهاء الحرب، أصبح “جيل 1986” بإشراف مدرب آخر هو ايزو احمدوفيتش الذي لا يزال يمارس مهنة التدريب في جيليزنيتشار حتى اليوم.

ويتذكر أحمدوفيتش إحدى الحصص التدريبية شارك فيها سبعة لاعبين بينهم دجيكو وقال “في ذلك الوقت كان اندري شفتشنكو أفضل لاعب في العالم. استدرت على من حولي وقلت لهم” انظروا إليه، إنه شفتشنكو الجديد”.

كان شفتشنكو المثال الأعلى لدجيكو الذي كان يحلم في الدفاع عن ألوان ميلان الإيطالي حيث تألق المهاجم الأوكراني بشكل لافت وأحرز في صفوفه الكرة الذهبية لأفضل لاعب عام 2004.

ويقول عمار أوسيم مدرب جيليزنيتشار الأسطوري الذي قاد الفريق إلى خمسة ألقاب من أصل ستة محلية: “عندما نجح دجيكو في اللعب في صفوف الفريق الاول لزيلييزنيكار كان طوله 193 سنتم مع 25 كيلوجراما أقل من الان”.

وأضاف “لكنه كان يملك مهارات استثنائية وقدرة هائلة على تسجيل الأهداف”.

وتابع “كان مهووسا ويريد أن يصبح لاعبا فعليا”.

لكن أوسيم كان أحد القلائل الذين لحظوا موهبة دجيكو في مستهل مسيرته.

فقد اكتفى دجيكو الذي شغل مركزا في وسط الملعب حينها، بتسجيل خمسة أهداف فقط في 40 مباراة مدافعا عن ألوان “جيليو” ووجهت إليه انتقادات بأنه بطيء جدا ولا يملك تقنيات عالية.

بيد أن ييري بليشيك الذي عمل مدربا لجيليزنيتشار لفترة وجيزة رأى شيئا مميزا في دجيكو واقنعه باللحاق به إلى صفوف نادي تبيليتشي التشيكي.

وبعد أن تخلى عنه مقابل مبلغ زهيد، نٌقل عن رئيس نادي جيليزنيتشار السابق قوله بعد عملية الانتقال بأن ناديه “فاز باللوتو” من خلال بيع دجيكو.

لكن المهاجم النحيل والفارع الطول لم يكترث لتصريحات رئيسه السابق ويقول عنه زميله السابق في تبليتشي سمير مرزيتش بأنه “كان لاعبا يثق بنفسه بطريقة مدهشة”.

وقال مرزيتش: “كان في التاسعة عشرة من عمره عندما لعبنا ضد سبارتا براج. كان يواجه توماش ريبكا الصلب العائد من الدوري الانكليزي حيث دافع عن الوان نادي وست هام. لكن إدين واجهه من دون أي خوف”.

ويقول ميدهاد والد دجيكو “كل شيء يتعلق بالذهنية. إدين صلب، قوي ومستقر. واجه الكثير من الصعوبات في الحياة وفي كرة القدم. كان يعرف كيفية التعامل مع الضغوطات والتأقلم معها”.

دجيكو وعلاقته بالبوسنة ودعم الأطفال

على الرغم من مغادرته بلاده قبل 16 عاما، يرتبط دجيكو بعلاقة وطيدة بالبوسنة. فهو يقوم بأعمال إنسانية مع زوجته أمرا وتحديدا تجاه الأطفال المرضى في هذه الدولة البلقانية الفقيرة.

عام 2012، عندما كان دجيكو يدافع عن ألوان مانشستر سيتي الإنجليزي، علم بأن أحد الشبان المرضى يخضع لعلاج في المدينة.

إدين دجيكو في مانشستر سيتي
إدين دجيكو في مانشستر سيتي

كان هذا الطفل البالغ من العمر 24 عاما حاليا هو أنير زيليتش، وقال: “كنت أغفو على السرير…عندما رأيت دجيكو مع والده ووالدته. شعرت بأني أحلم للوهلة الاولى”.

اهتم دجيكو بعائلة الصبي من الناحية المادية لكن الأهم من ذلك أمّن لها “الدعم المعنوي”.

ويضيف زيليتش “في كل مرة كان يسمح له وقته، كان يأتي لزيارتي وتمضية بعض الوقت معي في المستشفى”.

وختم “لعبنا بلايستيشن، الورق، ألعاب الطاولة. لم نتحدث عن المرض لكن عن أمور أخرى لا سيما الرياضة لكي يساعدني على نسيان كل شيء”.

زر الذهاب إلى الأعلى