أخبارالدوري الإسبانيبطولات عالميةكرة قدم

زيدان وريال مدريد… قصة حب أبدية انتهت بالرحيل!

أعلن نادي ريال مدريد الإسباني الخميس استقالة مدربه الفرنسي زين الدين زيدان من منصبه كمدرب للفريق، بعد أيام من تجريده من لقب “الليجا” من قبل “جاره” أتلتيكو، ليستبق “زيزو” نهاية عقده في عام 2022.

وقال النادي الملكي في بيان إن “ريال مدريد يعلن أن زين الدين زيدان قرر إنهاء ولايته الحالية كمدرب لنادينا”، مؤكداً المعلومات التي تداولتها الصحافة الإسبانية خلال الأيام الماضية.

وإذ أشار إلى أنه “يحترم قراره”، قال النادي إن “زيدان هو أحد أعظم أساطير ريال مدريد وأسطورته تتجاوز ما كان عليه كمدرب ولاعب لنادينا”.

وأضاف البيان أن “ريال مدريد سيبقى منزله دائماً”.

وبعد وداع مظفّر كلاعب في العام 2006، ثم رحيله الأول كمدرب في أيار/مايو 2018، بعد خمسة أيام من فوزه بدوري أبطال أوروبا لثلاث مرات متتالية في إنجاز غير مسبوق، يترك زيدان ريال مدريد للمرة الثالثة بأرقام باهتة وموسم خالٍ من أي لقب.

فإلى جانب خسارة لقب الدوري، أقصى ريال مدريد من دوري الأبطال الموسم الحالي في نصف النهائي على يد تشيلسي الإنكليزي.

ولد زيدان في ليلة القدر، تحت نجمة بطل العالم 1998، وهو انجاز فردي لقدر استثنائي. غير أن صانع الألعاب الساحر والذي تحوّل إلى مدرب ناجح، غالباً ما وجد نفسه تحت مقصلة قرارات لا يمكن التنبؤ بها، حتى موعد رحيله عن ريال مدريد الخميس.

هذا الفنان المبدع في خداع المنافس داخل المستطيل الأخضر عندما كان لاعباً وأيقونة كرة القدم الفرنسية، بقي في سن الـ48 عاماً وفياً لعاداته.

هذا الجانب المثير للقلق هو أحد ثوابت مسيرته كلاعب، وهو سمة من سمات موهبة غير عادية أبهرت عالم الكرة المستديرة وفاجأته دائماً.

وأبرز مثال على ذلك: بعد قرار اعتزاله اللعب دولياً في عام 2004، عاد بشكل فجائي إلى منتخب “الديوك” في عام 2005 وقاده إلى نهائي مونديال 2006 ليخسر بركلات الترجيح أمام إيطاليا.

هي ذكريات استعادتها الأسبوع الماضي مجلة “ليكيب” الفرنسية بنشرها للعنوان ذاته “عاد” الذي استخدمته عند عودة زيدان، للإعلان في 18 أيار/مايو الحالي عن عودة المهاجم كريم بنزيمة إلى صفوف المنتخب الوطني بعد 5 أعوام ونصف العام من الغياب.

أسدل الستار على مسرحية نهائي 2004 عندما وجه “بطل الرواية”زيدان نطحة للمدافع الإيطالي ماركو ماتيراتزي تلقى على إثرها بطاقة حمراء وانتهت معها مسيرته كلاعب.

وفي حياته الثانية، وتحديداً كمدرب زرع زيدان الطرق بالاتجاه المعاكس. كان بامكانه بكل بساطة أن يستمتع بشهرته وبمردوه المالي من شراكاته الإعلانية، إلاّ أنه فضّل أن يتدرب مجدداً وأن يدرس ويكسب بجدارة ما رافقه من سمعة سيئة.

أعلن “زيزو” العام الماضي “أوقفت دراستي باكراً، وكان عليّ أن أحضّر نفسي. لقد قمت بعمل جيد قبل أن انغمس (في التدريب) لأني اليوم أجد التعقيد في أن تكون فعالاً”.

وبعدما قرر البقاء في مدريد مع أولاده الأربعة الذين يدافعون جمعيهم عن القميص البيضاء، تنقل زيدان في جميع المناصب الإدارية في الريال: مستشار الرئيس، المدير الرياضي، مدرب مساعد ومدرب التشكيلة الرديفة، ليحين موعد جلوسه في كانون الثاني/يناير 2016 على مقاعد تدريب الفريق الأوّل على الرغم من قلّة خبرته.

من تكهن حينها بهذا القدر للشاب “يزيد”، كما يحب عدد من المقربين منه تسميته، والذي كان يركل الكرات الأولى أمام المجمع السكني في كاستيلان، وهي مقاطعة صغيرة في مرسيليا مكتظة بعمال الأرصفة والعائدين من الجزائر؟

تبدّلت حياة هذا الشاب من عائلة مؤلفة من خمسة أطفال ووالدين ينحدران من منطقة القبائل في شمال الجزائر، خلال أمسية 12 تموز/يوليو 1998 عندما قاد بضربتين رأسيتين فرنسا إلى قمة الكرة المستديرة بالفوز على البرازيل 3-صفر.

وفي سن الـ 26 عاماً بات “زيزو” معبود الجماهير المحتفلة بالفوز في جادة الشانزليزيه والشاهدة على انجازات منتخب “الأزرق والأبيض والأحمر”، قبل أن تعم الإحتفالات الساحة نفسها بعد عامين عقب الفوز بكأس أوروبا 2000.

في عام 2001 انضم إلى ريال الذي سيصبح “نادي حياتي” كما يقول، بفضل جهود الرئيس فلورنتينو بيريس، ليقدّم للأخير في عام 2002 كأس الدوري الأوروبي بكرة “على الطاير” ساحرة استقرت في مرمى باير ليفركوزن الألماني ومنحته الفوز 2-1.

هي بداية “قصة حب جميلة وأبدية”، بحسب كلمات بيريس حينها.

بعد مسيرته كلاعب، قرر زيدان أن يخط قدراً جديداً، وكان هذه المرة على مقاعد المدربين أمام دهشة الجميع.

أظهر زيدان قدرات حقيقية في قيادة لاعبين وهالة لا تضاهى، حيث زاد ظهوره الناجح على مقاعد المدربين من عشق الجماهير المدريدية له التي وقفت خلفه وواصلت الثناء لمدربها على الرغم من خروج الريال خالي الوفاض من دون أي لقب في موسم 2020-2021.

وبعدما اشتهر باللاعب “الصامت” أمام ميكروفونات وسائل الإعلام، تحول الفائز السابق بالكرة الذهبية إلى أبرع المتحدثين مع ابتسامة أخفت خلفها الكثير من الأسرار وعبارات جاهزة.

ولفترة طويلة، صُور من قبل منتقديه في اسبانيا على أنه مجرد من “يملي أوراق المباراة”، مع حصوله على مساعدة من القدر وأهداف نجمه السابق البرتغالي كريستيانو رونالدو.

ولكن شيئاً فشيئاً وبعد رحيل “سي آر 7” وعودته مجدداً إلى الريال أسكت “زيزو” الألسن البغيضة بفضل نجاحاته ففاز بلقب “الليغا” في عام 2020، قبل أن يقرر الرحيل بعد عام!

زر الذهاب إلى الأعلى