كيف فشل العبقري المجنون جوارديولا في تجربته مع سيتي؟
فشل المدرب الإسباني جوزيب جوارديولا مرة أخرى في سعيه إلى قيادة فريقه مانشستر سيتي الإنجليزي إلى اللقب الأول في تاريخه في مسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم، ووضع نفسه محط انتقادات كثيرة بسبب تجربة تكتيكية في المباراة النهائية أمام تشيلسي.
بعد عشرة أعوام من نجاحه القاري الثاني والأخير مع فريقه السابق برشلونة عام 2011، فاجأ المدرب الكاتالوني، المشهور بعبقريته والمصنف بين أفضل المدراء الفنيين في العالم، جميع المراقبين السبت بتشكيلة غاب عنها لاعب وسط مدافع، أحد العناصر الأساسية في بلوغ مانشستر سيتي المباراة النهائية للمسابقة القارية العريقة للمرة الأولى في تاريخه، عندما أجبر باريس سان جرمان الفرنسي على المعاناة في نصف النهائي.
فضل جوارديولا الابقاء على مواطنه رودري والقائد البرازيلي المخضرم فرناندينيو على مقاعد البدلاء مفضلا عليهما لاعبين بنزعة هجومية هما البرتغالي برناردو سيلفا ورحيم سترلينغ الغائب عن المنافسة في الآونة الأخيرة، فكانت النتيجة أن فريقه الذي كان مرتبكًا في بعض الأحيان، عوقب من قبل تشيلسي بقيادة مدربه الألماني توماس توخل الذي جدد الثقة في تشكيلته المعتادة دون ابتكار في اللحظة الأخيرة، فبخَّر آمال الـ”سيتيزنس”.
علقت صحيفة “ذي صن” البريطانية الأحد على الخطة التكتيكية للمدرب الكاتالوني بـ”تجاوز بيب جوارديولا الخط الضيق بين العبقرية والجنون، وقرر أن نهائي دوري أبطال أوروبا هو الوقت المناسب لإجراء إحدى تجاربه كأستاذ مجنون. انتهى الأمر بالكيميائي العظيم لمانشستر سيتي بإثارة قنبلة كريهة فقط، مع مانشستر سيتي بدون لاعب خط وسط دفاعي أو قلب هجوم محنك”.
من جهتها، أوضحت صحيفة “ذي غارديان”، أن جوارديولا “اخترع طريقة جديدة للخسارة والبحث في أعماق جديدة من إحباطه”.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”: “جوارديولا لا يمكن أن يخفف من مسؤوليته بعدما رسم خطة تكتيكية مخيبة. والمثير للدهشة أنه قرر عدم استخدام رودري أو فرناندينيو كلاعب خط وسط دفاعي، تاركًا سيتي مع خطة محيرة”.
وإذا كانت وسائل الإعلام البريطانية قاسية جدا مع جوارديولا، فذلك لأن خيبة الأمل تساوي عدم الفهم … والتوقعات الموضوعة عليه لرفع أول كأس لمسابقة دوري أبطال أوروبا في تاريخ النادي.
بالنسبة للهدف الوحيد في المباراة، كانت خيارات جوارديولا مثيرة: بتشكيلته، أراد المدير الفني الكاتالوني أن يضع ظهيريه في مواجهة نظيريهما في تشيلسي، حتى أنهما كانا بعيدين عن مرمى (البرازيلي) إيدرسون، وقد أدى ذلك إلى فتح ثغرات كبيرة في وسط الملعب وهو ما استغله مايسون ماونت بشكل مثالي عندما مرر كرة في العمق إلى الألماني كاي هافيرتس المنطلق دون مراقبة فانفرد بإيدرسون وافتتح التسجيل في الدقيقة 42.
وأكد جوارديولا عقب نهاية المباراة في تصريح لقناة “موفيستار”: “كان بإمكاننا تقديم أداء أفضل في الشوط الأول … لكن الفريق الخصم هو تشيلسي، من الصعب خلق الكثير من الفرص. أنا حزين، لكن لدي القليل من الانتقادات”.
وأضاف “حاولت اختيار أفضل تشكيلة للفوز بالمباراة. (الألماني إيلكاي) غوندوغان لعب سنوات عديدة في هذا المركز (لاعب الوسط المدافع). حاولنا أن نحصل على الكرة بسرعة، لإيجاد لاعبين بين الخطوط وكان هذا هو القرار”.
لم يكن الحظ أيضًا بجانب مانشستر سيتي حيث أُجبر قائده ونجمه الدولي البلجيكي كيفن دي بروين على الخروج باكيا بعد إصابة في رأسه عندما اصطدم مع مدافع تشيلسي الدولي الألماني أنطونيو روديغر في وقت مبكر من الشوط الثاني.
بدون البلجيكي، كانت محاولات جوارديولا لتصحيح أخطاء تشكيلته قليلة جدًا ومتأخرة جدًا. تم إشراك فرناندينيو بعد مرور ساعة، وبالمهاجمين البرازيلي غابريال جيزوس (60) والأرجنتيني سيرخيو أغويرو (76) بحثًا عن هدف.
فشل جوارديولا الفائز مرتين بلقب المسابقة القارية العريقة مع برشلونة ونجمها الأرجنتيني ليونيل ميسي في عامي 2009 و2011، في رفع الكأس “ذات الأذنين الكبيرتين” لمدة عشر سنوات تقريبًا وتحديدا منذ تتويجه الأخير في ويمبلي (28 أيار/مايو 2011)، لا مع بايرن ميونيخ الألماني (2013-2016) ولا مع السيتي (منذ 2016).
هذا الفشل في تكرار الإنجاز بعيدًا عن الأراضي الكتالونية، على الرغم من البيئة “المتوافقة جدا مع برشلونة” مع وجود تكسيكي بيغيريستاين وفيران سوريانو، مدير الكرة ورئيس مانشستر سيتي على التوالي، أثار ردود فعل في إسبانيا.
وكتبت صحيفة “سبورت” الكاتالونية الأحد: “إنها تقاومه!” في إشارة إلى الكأس القارية العريقة.
وهذا التردد التكتيكي ليس بجديد على جوارديولا. بعد موسم 2019-2020 قضاه في ظل ليفربول في الدوري وانتهى فجأة بخيبة أمل أوروبية جديدة بالخروج من ربع النهائي على يد ليون الفرنسي (1-3) بعد خسارة رهان تكتيكي جديد، بدأ الفني الكاتالوني موسمه بالشك عقب النتائج المخيبة مطلعه.
وبدا أن جوارديولا، العارف بخبايا كرة القدم والمدرب بألف خطة تكتيكية، فقد الصيغة.
وكان جوارديولا اعترف بذلك في كانون الثاني/يناير الماضي قائلا: “لم يعجبني ما رأيته. الفارق الوحيد (بين بداية الموسم المخيبة والبقية) هو أننا نركض أقل. نركض كثيرًا”.
واضاف “عندما تكون لدينا الكرة، يمكننا (…) البقاء في مراكزنا أكثر والسماح للكرة بالركض ، وليس نحن. هذا أفضل ما نفعله. فقدنا ذلك في الأيام الأولى. إنه خطئي”.
صادق مع نفسه وبثقة وجرأة كبيرتين منذ وصوله إلى إنجلترا، تبقى فرصتان على الأقل أمام جوارديولا للفوز بدوري أبطال أوروبا كون عقده مع مانشستر سيتي ينتهي عام 2023، مدة لاستخلاص الدروس من هذا الفشل وللتجربة مرة أخرى.
وقال جوارديولا “هذه هي المرة الأولى التي نصل فيها إلى هنا، وسنتعلم وسنعود”، مضيفا “كان موسما من 62 مباراة وخضنا 61 (خرج من نصف نهائي مسابقة كأس الاتحاد على يد تشيلسي أيضا). نشعر بالحزن وعلينا التعلم من ذلك وسنتعلم من المستقبل لكن الموسم كان استثنائيا”.