دوري الأبطال: لايبزيج الوديع بين مجموعة موت تشمل سيتي وسان جيرمان
قد يكون من الأندية المغضوب عليها كثيراً في بلاده، لكن لايبزيج الألماني يحد نفسه هذه المرة الطرف الأقل “شرّاً” مقارنة مع خصميه مانشستر سيتي الإنجليزي وباريس سان جيرمان الفرنسي في المجموعة الأولى التي صنّفت بمجموعة الموت لهذا الموسم في مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
وبعدما تواجها في نصف نهائي الموسم الماضي حين فاز سيتي على سان جرمان ذهاباً وإياباً وبلغ النهائي للمرة الأولى في تاريخه قبل أن يخسر أمام مواطنه تشلسي، يتجدّد الموعد بين الناديين المملوكين خليجياً لكن هذه المرة في دور المجموعات.
ويبدأ سيتي رحلته نحو تحقيق حلم مالكيه الإماراتيين بإحراز لقب المسابقة القارية الأم للمرة الأولى في تاريخه الأربعاء على أرضه، حين يتواجه فريق المدرب الإسباني بيب غوارديولا مع ضيفه لايبزيغ في مواجهة غير متكافئة، أقله على الورق.
ونتيجة تداعيات انخفاض الإيرادات بسبب جائحة فيروس كورونا التي تسبّبت بغياب الجمهور عن الملاعب لأكثر من عام، وفشل مشروع الدوري السوبر الأوروبي، كان سيتي المملوك من حكومة أبو ظبي وسان جرمان المدعوم من قطر أكبر الفائزين.
وبسبب عدم تأثرهما بفقدان عائدات تذاكر المباريات ونتيجة قرار الاتحاد القاري “ويفا” بتخفيف التشدد في تطبيق لوائح اللعب المالي النظيف، فرض سيتي وسان جرمان نفسيهما الثنائي القوي الجديد لكرة القدم الأوروبية، الأمر الذي أثار غضب العديد من القوى التقليدية في القارة العجوز.
وأعاد سان جرمان لَمَّ الشمل بين الأرجنتيني ليونيل ميسي وزميله السابق في برشلونة الإسباني النجم البرازيلي نيمار، وصمد في وجه رغبة ريال مدريد الإسباني بضم نجمه كيليان مبابي حتى بعدما تقدم النادي الملكي بعرض بلغت قيمته 180 مليون يورو، وذلك في خطوة جريئة جداً من أدارة نادي العاصمة الفرنسية لاسيما أن عقد بطل مونديال 2018 ينتهي الصيف المقبل ما سيسمح له بالرحيل من دون مقابل.
كما عزّز نادي العاصمة الفرنسية صفوفه في صفقات حرة بكل من الحارس الإيطالي الفائز هذا الصيف بكأس أوروبا جانلويجي دوناروما، الهولندي جورجينيو فينالدوم وقائد ريال مدريد سيرخيو راموس، فيما دفع 60 مليون يورو لضم المغربي أشرف حكيمي.
وبعد استعادته لقب الدوري الممتاز وبلوغه نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى، لم يكن سيتي بحاجة الى إجراء تعديلات كثيرة على تشكيلته، فأجرى تعاقداً وحيداً لكنه حطم به الرقم القياسي لأكبر صفقة في تاريخ الدوري الممتاز بضم جاك غريليش من أستون فيلا مقابل 138 مليون دولار.
وفي تصريح له الأسبوع الماضي، رأى رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس بأن “الأندية المدعومة من الدول خطرة على بيئة كرة القدم تماماً مثل الدوري السوبر الأوروبي”.
ويتوافق موقف تيباس مع ما خرجت به صحيفة “كورييري ديلو سبورت” الإيطالية بعد تعاقد سان جرمان مع ميسي حين تساءلت “متى سيقرر فيفا وويفا تنظيم مسألة ما إذا كان بإمكان الدولة امتلاك نادٍ لكرة القدم؟”.
وبعد خسارة ميسي لصالح سان جرمان، استخدمت صحيفة “إل موندو” الإسبانية شعار برشلونة “ميس كي أون كلوب”، أي أكثر من نادٍ، لتنتقد النادي الباريسي ومالكيه القطريين بالقول “بي أس جي أكثر من نادٍ: الذراع الرياضي لقطر”.
وبدعم من عملاق مشروبات الطاقة ريد بول، يُعَدُ لايبزيغ مثالاً آخر على الأموال الجديدة التي تزعج القوى الكروية التقليدية في ألمانيا.
لكن خلافاً لسيتي وسان جرمان، لم يفز لايبزيغ حتى الآن بأي لقب كبير في تاريخه القصير ولم يرتقِ تنافسياً الى مستوى الأندية الكبرى التقليدية مثل بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند، إلا أن ذلك لم يخفف من حدة الكراهية ضده من قبل جماهير الفرق المنافسة بسبب الطريقة التي تحايل فيها على يسمى بقاعدة “1+50” المعمول بها لمنع أي فرد من امتلاك حصة غالبة في النادي.
وتملك شركة ريد بول التي أسسها الملياردير النمسوي ديتريش ماتيشيتس، 49 بالمائة من أسهم النادي، بينما يمتلك موظفو الشركة النسبة المتبقية البالغة 51 بالمئة.
ورأت مجلة “11 فرويند” الكروية بعد وصول لايبزيغ الى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2020، أن “ريد بول لايبزيغ مشروع تسويقي بحت. تم إنشاؤه فقط لتعزيز علامة ريد بول التجارية”.
ومع ذلك، لم تؤت الاستثمارات التي قامت بها الشركة النمسوية العملاقة بنفس الثمار التي قطفتها الاستثمارات الإماراتية والقطرية في سيتي وسان جرمان منذ انتقال ملكية الناديين اليهما عامي 2008 و2011 توالياً.
والسبب أن النموذج مختلف تماماً بين سيتي وسان جرمان من جهة ولايبزيغ من جهة أخرى.
وعوضاً عن مقارعة بايرن ميونيخ الذي هيمن على الدوري الألماني في المواسم التسعة الماضية، خسر لايبزيغ مدربه يوليان ناغلسمان لصالح العملاق البافاري الذي انتزع منه أيضاً خدمات لاعبين مؤثرين جداً هما الفرنسي دايو أوباميكانو والنمسوي مارسيل سابيتسر.
وخلافاً لسيتي وسان جرمان اللذين يبحثان دائماً عن ضم أفضل نجوم اللعبة من أجل تعزيز مكانتهما الرياضية والتسويقية، استخدم لايبزيغ الناديين المملوكين لريد بول، وهما سالزبورغ النمسوي ونيويورك الأميركي، لتوظيف أفضل المواهب لديهما وتطويرها ومن ثم بيعها.
قبل خمسة أعوام، رأى المدير الرياضي السابق في النادي الألماني رالف رانغنيك إن إمكانية التعاقد مع لاعبين مثل ميسي وغريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو غير ممكنة.
وأوضح في حينها “سيكون من السخف التفكير في إمكانية العمل معهما هنا. كلاهما متقدم في العمر ومكلف للغاية”.
ورغم الفوارق الفنية الهائلة، تغلب لايبزيغ على سان جرمان في دور المجموعات الموسم الماضي في طريقه لبلوغ ثمن النهائي على حساب مانشستر يونايتد الإنجليزي.
لكن التوقعات بشأن مفاجأة أحد فريقي المجموعة المرشحين للذهاب حتى النهاية تبدو محدودة جداً هذه المرة قبل الرحلة الأربعاء الى “ستاد الاتحاد” لمواجهة سيتي ونجومه.
وتحت قيادة المدرب الجديد الأميركي جيسي مارش، خسر وصيف بطل الدوري الألماني ثلاث من أول أربع مباريات له في “بوندسليغا” هذا الموسم، آخرها بنتيجة مذلة أمام بايرن ميونيخ 1-4 في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وبدا مارش واقعياً في تعليقه على مواجهة سيتي الأربعاء بقوله “ربما لسنا مستعدين لمثل هذه التحديات الكبيرة. لكن رغم ذلك، علينا أن نبقى أقوياء وأن نؤمن بالعملية (التطور)”.
ويتوقع أن يحقق سان جرمان بداية ناجحة عندما يزور الأربعاء كلوب بروج البلجيكي في المواجهة الأخرى في هذه المجموعة.