كيف حطم كورونا آمال الملايين في طواف فرنسا للدراجات الهوائية؟
لا يعتبر طواف فرنسا معلما فرنسيا مهما في روزنامة الأحداث السنوية فحسب، بل شريانا اقتصاديا لرياضة الدراجات الهوائية الاحترافية، ما يدفع معنيين بعالم هذه الرياضة لإبداء خشيتهم من الآثار السلبية لاحتمال إلغائه بسبب فيروس كورونا المستجد.
ويتوقع أن يتخذ المنظمون قريبا قرارا بشأن السباق الذي كان مقررا انطلاقه من مدينة نيس الجنوبية في 27 حزيران/يونيو، على أن ينتهي على جادة الشانزيليزيه الشهيرة في العاصمة باريس في 19 تموز/يوليو.
وأصبح المنظمون مجبرين الآن على إرجاء السباق أو حتى اتخاذ القرار الأصعب بالإلغاء، بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين عن حظر جميع التجمعات العامة حتى منتصف تموز/يوليو، مع تمديد الإغلاق والحجر حتى 11 أيار/مايو.
وأكد الرئيس الفرنسي مساء الإثنين للمجموعة الإعلامية المحلية “إيبرا” بأن طواف فرنسا لن يقام في تموز/يوليو، نتيجته قراره بحظر التجمعات العامة.
ولن يكون ملايين المشاهدين الذين يتسمرون أمام الشاشة لمتابعة مراحل الطواف والمعارك المثيرة بين الدراجين لا سيما في المراحل الجبلية التي تقام وسط مناظر خلابة، الجهة المتضررة الوحيدة بحال إلغائه، بل سيطال ذلك الفرق المشاركة التي يبلغ عددها 22 فريقا لنسخة عام 2020.
ويقول الباحث في مركز الأبحاث العلمية في فرنسا جان-فرانسوا مينيو، مؤلف كتاب عن عالم الدراجات بعنوان “تاريخ طواف فرنسا”، إن “الإلغاء سيفتح الباب أمام انهيار اقتصادي في قطاع رياضة الدراجات”.
ويرى رئيس فريق “غروباما-أف دي جي” مارك ماديو “بكل بساطة. اذا لم يقم طواف فرنسا، يمكن لبعض الفرق ان تختفي، في حين سيجد الدراجون والعاملون في هذا القطاع أنفسهم من دون عمل”.
وتقدر ميزانية الفريق الذي يرئسه ماديو بعشرين مليون يورو سنويا.
لا تقتصر المخاطر على الجوائز المالية التي تدفعها الشركة المنظمة لطواف فرنسا (“آ أس أو”) ووصلت قيمتها في نسخة العام الماضي الى 2,3 مليوني يورو، بل تتخطاها الى الشركات الراعية.
ويقول مينيو في هذا الصدد “بالنسبة الى الكثير من شركات الرعاية للفرق، فالسبب الوحيد للتواجد في رياضة الدراجات وليس في مكان آخر، هو طواف فرنسا”.
ويتابع “اذا كانت الشركات تنفق الأموال، فذلك لأن المتفرجين يرون علاماتها التجارية على قمصان الدراجين خلاله، لأن الطواف هو سباق الدراجات الذي يتابعه عشاق هذه الرياضة بأعداد ضخمة”.
ويقول برونو بيانزينا المدير العام لوكالة “سبورت ماركت” التسويقية “قلة من الرياضات تعتمد بشكل كبير على حدث واحد، لا سيما وأن السباق تابع لشركة من القطاع الخاص وغير مرتبط باتحاد معين”.
بفضل موارد حقوق النقل التلفزيوني وشركات الرعاية، أصبح طواف فرنسا منتجا يدر ذهبا لشركة “آ أس أو” منذ منتصف الثمانينات، حيث ارتفعت أرباحها من خمسة ملايين الى 50 مليون يورو على مدى العقدين الأخيرين، بحسب التقديرات في كتاب جان-فرانسوا مينيو.
وتملك الشركة الفرنسية حقوق سباقات عدة في عالم الدراجات الهوائية، أبرزها “لا فويلتا” الإسباني وباريس-نيس ودوفينيه الفرنسيين، بالاضافة الى سباقات تقليدية مثل باريس-روبيه. وتحجم “آ أس أو” عن إعلان أرباحها المادية.
لكن شركة “سبورسورا” قدرت رقم أعمال نسخة 2019 من طواف فرنسا بنحو 130 مليون يورو، بينها ما بين 40 الى 50 في المئة من شركات الرعاية، و50 الى 55 في المئة من حقوق البث التلفزيوني، إضافة الى نسبة تراوح بين 5 و10 بالمئة من الايرادات التي تجنيها من القرى أو البلدات التي تستقبل الانطلاق أو نهاية السباق.
وبالنسبة الى المراقبين، سيشكل غياب طواف فرنسا 2020 ضربة قوية لشركة “آ أس أو” التي تنظم أيضا رالي دكار الصحراوي الشهير.
ولم تعلق الشركة على أسئلة وكالة فرانس برس بشأن هذا الأمر.
ويقول برونو بيانزينا إن “طواف فرنسا هو البقرة الحلوب” للشركة المنظمة.
ولن تقتصر الخسائر على الشركة، بل ستطال أيضا رعاة الطواف لأنه فرصة فريدة من نوعها للوصول الى أكبر عدد من الجماهير عبر الشاشات، لكن أيضا من خلال القافلة التي تمضي خلف الدراجين خلال السباق للقيام بعملية الترويج (31 علامة تجارية ومؤسسة في 2019).
وبحسب “سبورسورا”، يدفع أصغر شريك إعلاني لطواف فرنسا مبلغا يتراوح بين 250 و300 ألف يورو، بينما تشير التقديرات الى ان مصرف “أل سي أل”، الراعي الرسمي للقميص الأصفر الذي يرتديه متصدر الطواف خلال المنافسات، يساهم بحوالى 10 ملايين يورو منذ 1987.
ويخشى ان يكون لإلغاء الطواف انعكاس ليس فقط على الوضع الرياضي والمالي للفرق، بل أيضا على الوضع السياحي لمناطق فرنسية.
ويوضح بيانزينا أن الطواف “هو أفضل ترويج للسياحة في فرنسا”.